(( وفق رؤية – محي الدين بن عربي – كانت عناصر العالم قبل ظهورها الى الوجود جاثمة كممكنات في العماء ، حيث يفصلهاعن الذات برزخ الاسماء الالهية ، في ذلك السكون الابدي كان التوق يعتور ممكنات الوجود للتحرر من ظلمات العدم واكتساء حلة الوجود ، كذلك هي الحال مع الاسماء الالهية التي ظلت تتوق لرؤية احكامها متحققة في الممكنات . )) .
يدخلنا – الروائي العراقي لؤي عبد الاله – في روايته – كوميديا الحب الالهي – الصادرة عن دار المدى عام 2008 منذ البدء وسط دوامات واحداث تشكل علامات مهمة في تاريخ العراق ، عبر لعبة الصراعات التي شكلت خلفية للاحداث بل كانت تشكل الحدث ذاته ، وكان البناء المعماري للرواية عبر الراوي الذي يتفاوت صوته بين الانا .. والهو .. واحيانا تتداخل الاصوات في لغة سرد بسيطة لكنها عميقة شكلت الثيمة الاساسية في البناء المعماري الفني للرواية .
منذ الفصل الاول – الازرار الملونة – وصولا الى الفصل الاخير المكرس لتجليات – محي الدين بن عربي – والمعنون – الاسماء الالهية – كعودة متأخرة الى ممكنات الوجود – حيث يتم تناول الاحداث عبر سير ذاتية للكثير من الشخصيات ، رجال ونساء يتوزعون على خارطة الرواية…… – عبدل – الذي يعاقبه ابوه بتسميته بهذا الاسم بعد ان كان اسمه – عبد الوهاب – وزوجته – بيداء – وكذلك شهرزاد و صالح حيث نمر عبر البومات الصور التي تمثل العائلة المالكة … تتلاحق الاحداث في اعماق التفاصيل الوجدانية وسط جماليات الوطن قبل ان يلطخه دخان الانقلابات العسكرية المدوية حيث يتحول الوطن الى ثقب اسود يقبع وسط ذاكرة مخدرة .
فمنذ عراق الملكية ومرورا برموز ثورة 14 تموز حيث تبقى تداعيات المذبحة الملكية التي مهدت – برأي اغلب المؤرخين – الى انحدار الوطن نحو الدموية ، ومهدت لظهور القتلة و الطغاة وبقيت اثارها واضحة الى يومنا هذا، والتي اعتقد انها لم تكن سبيلا لانحدار الوطن في الدموية فحسب بل انها اسقطت الكثير من الاحلام العملاقة التي كانت تحلم بها اجيال متلاحقة وجدت نفسها ملقاة على ارصفة الغربة والتشرد في بلدان العالم …ملاحقون .. هاربون من الوطن لكي يعيشوا او يحلموا في محاولات منهم لكي يستطيعوا ان يواصلوا العيش وسط عالم يحمل الكثير من التناقضات والمرارات ، وكان المكان في الرواية مركزي ، مهيمن على افكار وسلوكيات اغلب الابطال ، اذ يشكل تماس مذهل مع – القمع – ومحاولة للفكاك منه في الغربة على الاقل . ان عناصر ظهور – القمع – موجودة في اعماقنا او في المكان القصي والمجهول – الاسماء الالهية – والتي تشكل دلالاتها العلاقة المتماهية مع الواقع ف – عبدل – واسمه المنقوص – عبد الوهاب – تم ذلك بعد ان اكتشف الاب عادة السرقة مما دفعه الى معاقبته بحذف جزء مهم من اسمه – عبدل الصغير – – كان يسرق الازرار الملونة من سترات اصدقاء ابيه بعد ان يعلقونها على صالون بيتهم – وكانت شخصية – بيداء – الفتاة التي يتزوجها عبدل ويعيش معها في لندن دلالة اسمها – بيداء – والتي تنجب من – عبدل – الاسم المنقوص – ابنهما البكر – المصاب بمتلازمة الداون – والتي اعتقد ان الرمز واضح فسليم – لم يكن سليما اصلا هذا اولا وكذلك حياته الغريبة وسط العائلة شكلت المحطة المهمة في حياة العائلة .
( – ان تكون البراءة المطلقة التي يمثلها سليم محط حماية الملائكة- ) ص235.
وتكريس الكثير من الرموز المهمة التي تتمحور حولها الاحداث . ولهذا استطيع القول ان كل ما في الرواية يمكن ان يشكل معلما رمزيا يمثل انتكاسات شخصية سواء على صعيد الحب او على صعيد العادات المرضية كلها توحي بالكثير من الرمز الذي يتجاوز الاسماء في تكثيف صوري لاحداث كبيرة عاشتها الكثير من النسوة المقهورات والمتصدعات وسط احداث جسام يتداخل فيها الماضي – الوطن – مع الحاضر – اوربا – في تكوينات انسانية تمثل الحب والخيانة والشذوذ ، ونعود الى رمزية – سليم – المنغولي نتاج العلاقة بين – عبدل – الاسم الناقص و – بيداء – الاتساع ونتائج هذا الحفر في اعماق الجسد واستنطاق الكثير من هواجسه ، وانفلات الغريزة ازاء القمع الذاتي والمساحة الضيقة والخانقة المتاحة امام هذه الغرائز، وكذلك شخصية –المبدع – وعلاقتها ب – حياة – المرأة التي اغتصبت في – القلعة – تشكل مزيجا من صراعات العلاقة الشخصية التي تربط بين المبدع والزعيم – الاشارة واضحة وموحية ودالة على انه ناظم كزار ، في سرد غير مباشر يوضح موضوع المؤامرة التي يعرفها بل يحفظ تفاصيلها ابناء جلدتنا في الوطن .
اما الثيمة الرئيسية في الرواية ….. انها كانت ترتكز على جدية المؤلف في القبض على حياة ومصائر الابطال ، فهناك الكثير من المصائر المتقاطعة التي ترسمها اغلب شخصيات الرواية على الورق على هيئة رجال احياء يعيشون بيننا حيث يستطيع القارئ بيسر ملاحقة مصائرهم .
ان رواية – كوميديا الحب الإلهي – تمثل لونا في مسيرة السرد – الغربة – اوما يطلق عليه ادب الخارج – تعتبر إضافة مهمة بل انها محطة مضيئة واضافة نوعية في مسيرة السرد العراقي العاصف الذي طغى على اغلب نصوص الالفية الثالثة المليئة بالكثير من التحولات المفتوحة على كل الاشياء